هل لازلت على قيد الدهشة؟

 
يمر الانسان بمراحل عمرية مختلفة يبدأ صغير ثم يكبر. لكن العمر الحقيقي هو ذلك العمر الذي نقضيه في زيادة معرفتنا. بالطبع لا أتذكر طفولتي لكن كأي طفل يأتي لهذا العالم فللدهشة نصيب في زيادة معرفته . 

رأيت الدهشة في عيون طفلي وهو يكبر , دهشه تنشأ على أسباب قد تكون صغيرة بالنسبة لي لكنها الكون كله بالنسبة له. أراها في عينيه المفتوحة اللامعة في فمه الفاغر  وهو ينطق (ها). بين الطفولة والدهشة تكمن البراءة والحرية . البراءة نقيض الخبرة وهي أن لا تكون لديك معرفة سابقة ولكن شوقك إليها حاضر. الحيوان لا يندهش فلا تقلقه المعرفة. بالاضافة الى أن الحرية نقيض القيود التي تزداد مع الواقعية وانحلال الخيال. نكبر ويجب أن يكبر كل شيء فينا والدهشة جزء من انسانيتنا. يقول الكاتب هوارد لافكرافت " الدهشة هي لذتي . كل ما لم يكتشف بعد , كل ما لا يتوقع أبدا , كل ما احتجب عن الأعين , وكل ما استتر جوهره الخالد خلف قشرة التبدل " . اسأل نفسك , هل لازلت على قيد الدهشة ؟

أن ترى شيء  للمرة الأولى كفيل بإبهار عقلك لأنه يشير إلى أننا لسنا وحدنا في هذا الكون .هذه الدهشة هي ما نحتاج إليه الآن حتي نستطيع الإنتقال الى مرحلة جديدة من حياتنا. الدهشة هي حالة الانتقال من السكون إلى الحركة , أن يندمج فكرك وخيالك , أن تتقد بالاسئلة لتصل بالبحث إلى طريق الاكتشافات والابتكارات والنظريات التي ستترك أثرا ايجابيا علي هذا العالم. قد يتحدث الجميع عن الطموح وعن كيفية توظيف التخصص لكن أعتقد أن هذه الطريقة ليست صحيحة. البدء بالدهشة هو الطريق الذي يصل بنا إلى اكتشافات وابتكارات يستفيد منها العالم. اعلم إن اختيار التخصص الاكاديمي يعتمد ايضا علي فرص العمل وهو أهم بالنسبة للبعض , لكن التعليم المستمر يفتح لك آفاقا جديدة و العمر مديد بامكاننا تعلم الكثير .

هناك دائما وقت لتغيير الطريق والسير نحو الشغف , لكن هذا هو ليس
المفتاح. الإصرار والعمل المستمر كفيل لفتح أي باب للدهشة. فلم الرجل 
  (The man who knew infinity)    الذي عرف اللانهاية
 يتحدث عن اصرار وعمل مستمر و تحدي الصعاب و العقبات من أجل اللحاق بدهشة الأرقام والرياضيات. عالم يلهم المعرفة و يتعلم كيف يبرهن هذه المعرفة حتي يحدث الفارق في هذا العالم. لم يكن شغفه ناتج من التعليم الاكاديمي فلم يكن طالب نجيبا في احد الصروح العلميه, هو فقط يتأمل الكون , تدهشه الاشكال و الانماط وتبع هذه الدهشة محاولة منه لفهمها. أن تكون لدينا طريقة مختلفة للحصول علي المعرفة شيء و أن نسعي الي تغيير العالم شيء آخر مختلف يحتاج إلى اثبات لكل خطوة و بناء بتأسيس 
صحيح.تغيير العالم , واحداث الفارق يكاد يكون حلم الكثيرين. الدهشة تقودك للاكتشاف ثم لإحداث الفارق تحتاج إلى إعداد و توقيت مناسب للتأثير. سواء اخترت طريق التغيير أو لا فهي نتيجة حتمية للاكتشافات والابتكارات . وعلى ذلك لاتنسي أن تسأل نفسك عن مدي جهوزيتك و عن التوقيت المناسب قبل البدء بالحركة.

هل الدهشة حاضرة في واقعنا ؟ ربما لو حاولنا أن نلتمس أثرها علي أرض الواقع سنجد 
شح في الاكتشافات والابتكارات علي الصعيد العملي والنظري . السؤال الان : مالذي يحفز الدهشة لديك؟ 

تعليقات

‏قال Zeynep
الدهشة كمكوّن نفسي في داخلنا هي موجودة لا شك .. ولها مساحة واسعة في التأثير
هي موجودة طالما وُجدت أسبابها ..رغم تفاوت الاشخاص في كمية الشعور بها وكمية ودات الفعل ..
عادة حدوث الأمور غير المتوقّعة أو غير المألوفة هو مايثير عامل الدهشة والانبهار داخلنا،
وهي ممتعة وخاصة جداً مادامت تتضفي جمالاً وانعكاساً لطيفاً على مشاعر صاحبها ..

دمتِ في اللطف .. 🌸🤍

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سكن أم سكنى ؟

ماذا يعني أن نكون وحيدين؟